سورة يونس - تفسير تفسير النسفي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (يونس)


        


{وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ} أي الكفار وغيرهم {جَمِيعاً} حال {ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ} أي الزموا مكانكم لا تبرحوا حتى تنظروا ما يفعل بكم {أَنتُمْ} أكد به الضمير في {مكانكم} لسده مسد قوله الزموا {وَشُرَكَاؤُكُمْ} عطف عليه {فَزَيَّلْنَا} ففرَّقنا {بَيْنَهُمْ} وقطعنا أقرانهم والوصل التي كانت بينهم في الدنيا {وَقَالَ شُرَكَاؤُهُمْ} من عبدوه من دون الله من أولي العقل أو الأصنام ينطقها الله عز وجل: {مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ} إنما كنتم تعبدون الشياطين حيث أمروكم أن تتخذوا الله أنداداً فأطعتموهم وهو قوله: {وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ للملائكة أَهَؤُلاَء إِيَّاكُمْ} إلى قوله: {بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن} سبأ: 41) {فكفى بالله شَهِيدًا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} أي كفى الله شهيداً وهو تمييز {إِن كُنَّا عَنْ عِبَادَتِكُمْ لغافلين} {إن} مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية {هُنَالِكَ} في ذلك المكان أو في ذلك الوقت على استعارة اسم المكان للزمان {تَبْلُواْ كُلُّ نَفْسٍ} تختبر وتذوق {مَّا أَسْلَفَتْ} من العمل فتعرف كيف هو أقبيح أم حسن، أنافع أم ضار، أمقبول أم مردود، وقال الزجاج: تعلم كل نفس ما قدمت. {تتلو} حمزة وعلي، أي تتبع ما أسلفت لأن عمله هو الذي يهديه إلى طريق الجنة أو النار، أو تقرأ في صحيفتها ما قدمت من خير أو شر، كذا على الأخفش {وَرُدُّواْ إِلَى الله مولاهم الحق} ربهم الصادق في ربوبيته لأنهم كانوا يتلون ما ليس لربوبيته حقيقة، أو الذي يتولى حسابهم وثوابهم العدل الذي لا يظلم أحداً {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} وضاع عنهم ما كانوا يدّعون أنهم شركاء لله، أو بطل عنهم ما كانوا يختلقون من الكذب وشفاعة الآلهة.


{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السماء} بالمطر {والأرض} بالنبات {أَمَّن يَمْلِكُ السمع والأبصار} من يستطيع خلقهما وتسويتهما على الحد الذي سويا عليه من الفطرة العجيبة، أومن يحميهما من الآفات مع كثرتها في المدد الطوال وهما لطيفان يؤذيهما أدنى شيء {وَمَن يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت وَيُخْرِجُ الميت مِنَ الحى} أي الحيوان والفرخ والزرع، والمؤمن والعالم من النطفة، والبيضة والحب والكافر والجاهل وعكسها {وَمَن يُدَبّرُ الأمر} ومن يلي تدبير أمر العالم كله جاء بالعموم بعد الخصوص {فَسَيَقُولُونَ الله} فسيجيبونك عند سؤالك إن القادر على هذه هو الله {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} الشرك في العبودية إذ اعترفتم بالربوبية {فَذَلِكُمُ الله} أي من هذه قدرته هو الله {رَبُّكُمُ الحق} الثابت ربوبيته ثباتاً لا ريب فيه لمن حقق النظر {فَمَاذَا بَعْدَ الحق إِلاَّ الضلال} أي لا واسطة بين الحق والضلال، فمن تخطى الحق وقع في الضلال {فأنى تُصْرَفُونَ} عن الحق إلى الضلال وعن التوحيد إلى الشرك {كذلك} مثل ذلك الحق {حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ} {كلمات} شامي ومدني، أي كما حق وثبت أن الحق بعده الضلال، أو كما حق أنهم مصروفون عن الحق فكذلك حقت كلمة ربك {عَلَى الذين فَسَقُواْ} تمردوا في كفرهم وخرجوا إلى الحد الأقصى فيه {أَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} بدل من (الكلمة) أي حق عليهم انتفاء الإيمان، أو حق عليهم كلمة الله أن إيمانهم غير كائن، أو أراد بالكلمة العدة بالعذاب أنهم لا يؤمنون تعليل أي لأنهم لا يؤمنون.


{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَبْدَؤُا الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} إنما ذكر {ثم يعيده} وهم غير مقرين بالإعادة، لأنه لظهور برهانها جعل أمراً مسلماً على أن فيهم من يقر بالإعادة أو يحتمل إعادة غير البشر كإعادة الليل والنهار وإعادة الإنزال والنبات {قُلِ الله يَبْدَأُ الخلق ثُمَّ يُعِيدُهُ} أمر نبيه بأن ينوب عنهم في الجواب يعني أنهم لا تدعهم مكابرتهم أن ينطقوا بكلمة الحق فكلهم عنهم {فأنى تُؤْفَكُونَ} فكيف تصرفون عن قصد السبيل.
{قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُمْ مَّن يَهْدِى إِلَى الحق} يرشد إليه {قُلِ الله يَهْدِى لِلْحَقّ أَفَمَن يَهْدِى إِلَى الحق أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لاَّ يَهِدِّى إِلاَّ أَن يهدى} يقال هداه للحق وإلى الحق فجمع بين اللغتين ويقال هدى بنفسه بمعنى اهتدى كما يقال شرى بمعنى اشترى، ومنه قراءة حمزة وعلي {أمن لا يهدي} بمعنى يهتدي {لا يَهّدىِ} بفتح الياء والهاء وتشديد الدال: مكي وشامي وورش، وبإشمام الهاء فتحة: أبو عمرو، وبكسر الهاء وفتح الياء: عاصم غير يحيى، والأصل {يهتدي} وهي قراءة عبد الله فأدغمت التاء في الدال وفتحت الهاء بحركة التاء وكسرت لالتقاء الساكنين، وبكسر الياء والهاء وتشديد الدال: يحيى لاتباع ما بعدها وبسكون الهاء وتشديد الدال مدني غير ورش، والمعنى أن الله وحده هو الذي يهدي للحق بما ركب في المكلفين من العقول وأعطاهم من التمكين للنظر في الأدلة التي نصبها لهم، وبما وفقهم وألهمهم ووقفهم على الشرائع بإرسال الرسل، فهل من شركائكم- الذين جعلتم أنداداً لله- أحد يهدي إلى الحق مثل هداية الله؟ ثم قال: {أفمن يهدي إلى الحق أحق} بالاتباع أم الذي لا يهدي أي لا يهتدي بنفسه أولا يهدي غيره إلا أن يهديه الله. وقيل: معناه أم من لا يهتدي من الأوثان إلى مكان فينتقل إليه إلا أن يهدي إلا أن ينقل، أولا يهتدي ولا يصح منه الاهتداء إلا أن ينقله الله من حاله إلى أن يجعله حياً ناطقاً فيهديه {فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ} بالباطل حيث تزعمون أنهم أنداد الله.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8